الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل في حوار خاص مع "الصحيفة": الحكومة مسؤولة عن الاحتجاجات القطاعية.. وقانون الإضراب جنائي ونرفض أن يكون أرضية للنقاش

 الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل في حوار خاص مع "الصحيفة": الحكومة مسؤولة عن الاحتجاجات القطاعية.. وقانون الإضراب جنائي ونرفض أن يكون أرضية للنقاش
حاورته - خولة اجعيفري
الأحد 21 يوليوز 2024 - 13:14

بعد حوالي تسع سنوات من تجميده، عاد مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، ليتصدر النقاش العمومي، بعدما طرحه نواب الأمة بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب. أثار هذا المشروع الكثير من اللغط بين الطرح الحكومي الرسمي، الذي يرى المناسبة شرطًا وهو يُدافع عن "حماية حريات العمل واستمراره في المقاولات والمؤسسات والمرافق العمومية"، وفق تعبير وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، وبين من يعتبر أن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، حيث الحكومة تُحاول تكبيل الحق في الإضراب بسرعة بعدما ناهزت نصف ولاية لم تكن باليسيرة وفجرت احتقانات اجتماعية وقطاعية عجزت عن تدبيرها.

وبناء عليه، أجرت "الصحيفة" حوارًا مع الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الميلودي موخاريق، لتسليط الضوء على مستجدات هذا النقاش حول هذا القانون ذو الخصوصية الاستثنائية، سيما في خضم الشكوك التي تساور محاولة تمريره قبيل أيام من ختام السنة التشريعية والوعد الذي قدّمه رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالمُصادقة عليه قبيل نهاية السنة، في حين أنه لا وجود لأي مسودة رسمية لمشروع القانون حتى الآن، في ظل رفض النقابات لمشروع القانون السابق الذي طُرح في حكومة العدالة والتنمية وخلق سجالًا قويًا.

في هذا الحوار الخاص، الذي أجرته "الصحيفة" مع الأمين العام لأكبر نقابة في المغرب، كشف الميلودي موخاريق، عن خفايا وكواليس الاتفاق مع الحكومة بشأن القانون والنقاط الخلافية حوله، كما أكد أن الحكومة اقترحت العديد من مسودات القوانين التي لم يتم تحقيق التوافق بشأنها حتى الآن.

- بعد سنوات من التأجيل، فتحت الحكومة النقاش حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب، بشكل "مفاجئ ووتيرة متسارعة" وهي تعد بإخراجه نهاية العام الجاري، لكن هل تواصلت معكم الحكومة آنفا على اعتبار أنكم أكبر النقابات في المملكة والمعنيين الأوائل بهذا النص القانوني في إطار المقاربة التشاركية؟

لا يُمكن للحكومة أساسا القيام بأي خطوة في هذا الميدان دون استحضار هذه المقاربة التشاركية، كما أننا لن نسمح بتمرير أي شيء رفضناه سلفا، فقد سبقتها إلى ذلك الحكومة السابقة تحت رئاسة سعد الدين العثماني، عن حزب العدالة والتنمية. وكما هو معلوم كانت قد أعدت بطريقة انفرادية "سرية" ودون أدنى استشارة للحركة النقابية ما يسمى بالقانون التنظيمي للإضراب، والذي يهم الحركة النقابية بالدرجة الأولى كما ذكرتِ في سؤالك، وعمدت إلى إحالته على اللجنة الاجتماعية للبرلمان، وفوجئنا به حينها، لكن رفضناه.

والاتحاد المغربي للشغل تجنّد حينها بكل قوته ضد هذه النازلة من خلال أجهزته وطنيا وجهويا، كما أننا قمنا بمراسلة كل الجهات المعنية، ومن يهمهم الأمر، وبالفعل بعد أن اطلع الكل على المشروع "المشبوه" استطعنا تجميده في البرلمان منذ عام 2016، لأن في الحقيقة كان مشروع قانون جنائي وليس تنظيمي، إذ يزج بالمضربين في السجون ويفرض عليهم غرامات بالملايين ويستهدف العمال والنقابيين البسطاء.

وبالفعل هو مجمد من وقتها، لكن جاءت هذه الحكومة وعبرت عن إرادتها في نهج توافق وتراضي وحوار في إخراج قانون خاص بتنظيم حق الإضراب متفق عليه يضمن الحريات النقابية.

- وما هو موقفكم الحالي كنقابة من عودة النقاش حول ذات مشروع القانون التنظيمي الذي اعتبرتموه في وقت سابق جنائيا ورجعيا؟ وهل الظرفية الحالية في المغرب تسمح بمناقشة قانون يؤطر هذا الحق؟

بالطبع نحن مع قانون خاص بتنظيم حق الاضراب ويحمي الأجراء وأحقيتهم في ممارسته، لكن لدينا أولويات لا يمكن تخطيها، وقد أخبرنا بها رئيس الحكومة عزيز أخنوش جهرا في عدة مناسبات ومرات، فنحن نرفض رفضا باتا وغير قابل للنقاش أو التفاوض أن يكون القانون التنظيمي الذي وضعته الحكومة السابقة أرضية النقاش، لأنه بالفعل رجعي تراجعي يضرب في عمق حقوق الإنسان، وإذا ما قدر الله وتم تمريره سيؤدي إلى تصنيف المغرب ضمن خانة السوداء للدول التي تخرق حقوق الانسان، ونحن جميعنا نعلم أن حق الاحتجاج والاضراب هو من حقوق الانسان الأساسية.

- طيب. أعود لأكرر سؤالي بعبارة أخرى، هل تواصلت معكم الحكومة بشأن هذا القانون التنظيمي قبيل طرحه للنقاش في لجنة القطاعات بالبرلمان، وهل يوجد مفاوضات فعلية في إطار المقاربة التشاركية؟

الحقيقة، أنه منذ التوقيع على الاتفاق الجديد نهاية أبريل الماضي، والذي يأتي في إطار الحوار الاجتماعي وتنفيذا للميثاق الاجتماعي الموقع في 30 أبريل 2022، كانت هناك مجموعة من اللقاءات التشاورية مع وزير التشغيل الذي كلف من طرف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بمُباشرة النقاش حول الموضوع، وذلك بغرض تحقيق التوافق مع النقابات، وبالفعل عرض علينا مشروع القانون المجمد منذ 2016، لكنّنا أخبرناه أن هذا المعروض "غير ذي موضوع" مرفوض "ومكاينش" بالنسبة لنا، وبالتالي كان على الحكومة الاجتهاد والاتيان بعدة مسودات وطرحها لنا، وفي كل مرة نجدها غير مناسبة ونرفضها، لهذا اقترحنا عليهم أن نتفق على المبادئ العامة لأن القانون الذي أعدته الحكومة تنقصه الفلسفة القانونية، وقانون الاضراب والتوجه العام، والتوجه الحقوقي، وهكذا بدأت بالفعل اللقاءات الثنائية بين اللجنة التشريعية للاتحاد المغربي للشغل ووزير الشغل ومن معه.

- وأين وصلت هذه المفاوضات؟

لحد الآن مازالت المفاوضات والمشاورات مستمرة، لأنه ليس قانونا سهلا ولا هو قانون عادي، فكما تعلمون في تراتبية القوانين يأتي القانون التنظيمي مباشرة بعد الدستور وقبل القوانين العادية.

- لكن، ما هي النقاط التي ناقشتموها مع الحكومة حتى اللحظة، ومبادئ الاختلاف بينكم وبينها؟

أنت مُصرة ولم أصرّح بهذا من قبل، لكن يوجد بالفعل شبه اتفاق على المبادئ العامة، فيما صياغة الفصول ما تزال بعيدة. نحن ما زلنا في المناقشة حول مدة الإخبار أو "البريافي" وحول الحد الأدنى للخدمة، وحول كيف نأخذ قرار الإضراب، ففي المسودة الأولى لاحظنا أنها كانت تفرض شروطا تجعل من المستحيل اتخاذ قرار الإضراب، وهكذا فعلى كل حال الحكومة الحالية، في كل مرة تقترح ونحن نعبر عن موقفنا انطلاقا من أدبيات مبادئ منظمة العمل الدولية والحقوق المقارنة، ومن مبادئ العدل والانصاف التي يفترض أن تكون.

ونحن في الاتحاد المغربي للشغل، نضع أيضا في سلة المفاوضات إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي الذي هو ضد الدستور المغربي ويتنافى ومقتضياته، وقد وضع في 1962، كما أنه موروث عن الاستعمار الفرنسي ووضع ضد النقابيين المغاربة لأنهم كانوا يقومون بالإضرابات للمطالبة باستقلال المغرب، وقد سقط سهوا في القانون المغربي الجنائي وبقي حتى الآن، فيما يجب إلغاء هذا القانون، وهذه من بين شروطنا الضرورية والأساسية التي لن نتنازل عنها.

- ألا تُلاحظ معي، هذا الاستعجال الحكومي في تقديم مشروع القانون التنظيمي الغريب ووعد رئيس الحكومة بإخراج القانون قبيل نهاية السنة، سيما وأن هذا التسريع يأتي قبل أيام من اختتام الدورة التشريعية وأيضا في عز الاحتقان الاجتماعي بسبب الغلاء وتوالي الاحتجاجات والإضرابات القطاعية؟ ثم ألا يمكن أن تكون هذه جميعها مؤشرات تستدعي التشكيك في نوايا الحكومة؟

أنا صريح جدا، وملاحظتك صحيحة جدا إذ تزامن طرحه للنقاش مع "الإضرابات البطولية" لنساء ورجال التعليم، كما تزامن والبطولات الرائعة التي تخوضها الأسرة الصحية وقطاعات أخرى، ولكن للصراحة ومن باب الإنصاف ففي اتفاق 29 أبريل 2024، تمت الإشارة إلى بدء المناقشة حول هذا القانون، ونحن في الاتحاد المغربي للشغل من المؤكد لن نتأثر، والحكومة لا يجب عليها أن تختبئ تحت ذريعة هذه الاضرابات، لأن السؤال الذي نطرحه عليها دائما هو: من المسؤول عن هذه الاضرابات والاحتجاجات القطاعية؟ أكيد هي نفسها الحكومة، هي التي أضرت برجال ونساء التعليم، ولم تقم بحوار اجتماعي معقول كما هرّبت القانون الأساسي قبل استكمال الحوار وتبين لاحقا، أن شكيب بنموسى مخطئ وقد أرجع القانون إلى طاولة النقاش ثم صدر في حلة جديدة.

أما بالنسبة للأسرة الصحية، فمن المسؤول عن الاحتقانات التي يشهدها القطاع؟ الحكومة مرة أخرى لأنها عوض الاستجابة لمطالبهم وحوارهم الاجتماعي تراجعت، وعنّفتهم وضربت أصحاب الوزر البيضاء وتسببت في خوضهم 5 أيام في الأسبوع إضراب على مدار أسبوعين متتاليين أي 10 أيام في المجمل، وهذا مجانب للصواب، لكن من المسؤول عن هذا؟ الحكومة هي المسؤولة الأولى عن استفحال هذه الوضعية، وقد ضيعت على المغاربة الحق في الاستشفاء، لهذا، هذه المخاوف جميعها حسمناها مع الحكومة، وقلنا لها إياك أن تتخذي هذه الاحتجاجات كذريعة لفرض بنود ما لا تليق، وتمريرها، والأكيد سنرفض.

- يعيب بعض الفاعلين النقابيين أيضا على الحكومة، مسألة فتحها النقاش حول قانون الإضراب قبل تنظيم المشهد النقابي وفق قانون خاص على غرار قانون الأحزاب، خصوصا وأن ما يؤطر عملها هو ظهير 1957. ما موقفكم أنتم من هذا النقاش؟

أعتقد أن العمل النقابي منظم أساسا، بعدما تم نسخه في مدونة الشغل 2004، وأصبحت النقابات المهنية يؤطرها 36 فصلا عوض 9 فصول، كما أن هذه المدونة فيها باب خاص بالنقابات البرلمانية.

- نعود لقانون الإضراب، بما أنكم ضد القانون التنظيمي الذي طرحه "البيجيدي" آنفا قبل تجميده وتعتبرون أنه لا يجب أن يكون أرضية للنقاش، ما الحل القانوني المطروح أمام الحكومة في هذه الحالة؟ هل سيسحب ويعوض بقانون تنظيمي جديد، أم ستقوم الحكومة بتعديله بناء على اتفاقها مع النقابات؟

هذا سؤال بالغ الأهمية، ولا شك أنها إشكالية كبيرة مطروحة اليوم أمام الحكومة، وعليها أن تجد ميكانيزما تشريعيا اجتهاديا من الدواليب لحلحلته، لكن الكل حتى الحكومة نفسها تقول إن القانون التنظيمي السابق هو "رجعي ولا يشرف البلاد"، كما أن أرباب العمل ممثلين في اتحاد مقاولات المغرب بدورهم يعتبرون أنه قانون تحت يافطة "إن هذا لمنكر" ونحن النقابات بطبيعة الحال نرفضه، وبالتالي الحكومة عليها الاجتهاد لتجد ميكانيزما حقيقيا لحل المشكل، لأنه وكما ذكرتِ في سؤالك لا توجد ألية لسحبه، ولكن عليها أن تجتهد مع الأمانة العامة للحكومة لدفنه، والأهم بالنسبة لنا هو ألا يكون هذا القانون الخاص بـ 2016 أرضية للنقاش، لأنه غير قابل لذلك، حتى لو قمنا بتعديلات متعددة ومتكررة فهو قانون فاسد وتكبيلي، كله يمنع ويعاقب.

هل سيغير قرار محكمة العدل الأوروبية من واقع ملف الصحراء؟

قضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بـ" بإبطال" اتفاقين تجاريين يتعلقان بالفلاحة والصيد البحري بين الرباط والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي. المحكمة التي يوجد مقرها بلوكسمبورغ وتسهر على "تطبيق" قانون الاتحاد الأوروبي ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...